السماوي وكنوز اطلانتس بالمغرب


في المغرب ذلك البلد الجميل والعريق بتاريخه نجد أرضاً خصبة تزدهر فيها كافة الإعتقادات المتصلة بالجن والتعامل معه أكثر مما نجده في أي بلد  آخر إذ أنها ما زالت تتغلغل في النسيج الإجتماعي ، تدور مجمل تلك الإعتقادات حول فكرة مفادها أن للجن تأثيراً طاغياً على البشر ، وربما ترجع جذور إزدهار ممارسة السحر في المغرب الى زمن موغل في القدم ربما الى حضارة اطلانطا المتقدمة في العلوم الباطنية والفلك والتنجيم او الى عصور ما قبل التاريخ  ، فهذه المعتقدات والعلوم نشات في زمن سحيق فوق هذه البقعة من الارض ومنها انتشرت الى باقي حضارات العالم القديم.

يتحول الكشف عن الكنوز المخبأة في باطن الأرض لدى البعض ليصبح هاجساً مهيمناً وغاية مستمرة مهما كانت الوسائل المعتمدة بهدف تحقيق حلم الثروة ، وتتحكم في سير هذه المحاولات بعض المعتقدات المتوراثة والمنتشرة في بعض أوساط المجتمعات ومنها المجتمع المغربي ، ونذكر من بينها إعتقاد شائع بأن أفراداً من الجن يحرس كنوزاً مدفونة في باطن الأرض فلا يسمحون لأحد من الساعين وراءها لنبشها أو الإقتراب منها ، وهي كنوز كان قد خلفها القدماء فلم يبوحوا بسرها بعد مغادرتهم أو وفاتهم وربما أحاطوها بلعنة أو بأعمال سحر لكي لا يستفيد منها أحد بعدهم كما كان يجري خلال طقوس تحنيط ملوك مصر وغيرهم من الشعوب حيث كانت الكنوز تدفن مع رفات النبلاء أو علية القوم قديمأً وتقام طقوس سحرية وسرية لكي تتم حراستها من قوى خارقة غيبية .
ولكي يتغلب الساعون وراء الكنوز للتغلب على هذه اللعنة أو الجن الحارس يستخدمون طقوساً ووسائل غريبة ومبنية على معتقدات أيضاً بما فيها تضحية بقرابين أو الإستعانة بجن آخر يسمح لهم بفتح البوابة المحروسة..الخ ، ومن الجدير بالذكر أن هذه المعتقدات أصبحت حجة عدد كبير من المحتالين على الضحايا المؤمنين بها لكسب أموالهم ومن ثم الفرار.  ونذكر من هذه المعتقدات :

1) معتقد قوس قزح
في غياب خريطة تحدد مكان الكنوز المدفونة التي تسمى في اللهجة المحلية "تقييدة" والتي تكون مدونة على ورق أو جلد حيوان يلجأ البعض إلى معتقد قوس قزح ، حيث أن هناك إعتقاد بأن قوس قزح يساعد في تحديد موقع الكنز المدفون ، وجاء ذلك في كتاب المعتقدات السحرية و طقوسها في المغرب للكاتب مصطفى واعراب ، حيث كتب : " وحدهم العارفون بأسرار الكشف عن الكنز بإستطاعتهم تحديد مكان وجود الدفن عن طريق قوس قزح و إخراجه من مخبئه السري بلا خسائر ، قوس قزح هذا الحدث الطبيعي لدى العارفين بسره هو إعلان إستغاثة من كنز يشير إلى مكان دفنه حتى يأتوا إليه ليخلصوه من أسر الجن الحارس ".
2) معتقد الزوهري
ينتشر عدد من العصابات المتخصصة في خطف الأطفال الذين لديهم علامات  "الزوهري" سواء أكانوا ذكوراً أو إناثاً، حيث أن هناك معتقدات تقول أن هذه العلامات هي ما يحتاجه المنقبون لتنفيذ مآربهم في الكشف عن الكنوز وفي تجنب أخطار الجن الذين يزعم بأنهم يحرسونها،  و "الزوهري" هو صفة للطفل الذي يملك خطاً يقطع راحة يده عرضاً وكذلك لسانه ويعتقد بعض الناس من الباحثين عن الكنوز أنه من أبناء الجن وجرى إستبداله في مولده بأحد أبناء الآدميين لذلك فهو لا يخاف من مواجهة الكائنات الغيبية الحارسة للكنز بحجة أنه يمتلك قدرة سحرية على رؤيته ، وما دامت ماهية الجن مجهولة و كينونته غير مدركة من طرف الجميع إلا من طرف هذه الفئة من الناس لهذا فطلبات الجن تتجلى في طقوس التضحية بالزوهري أو إراقة دمه لكسب رضا الجن الحارس وبالتالي سلب قواه ويترافق مع ذلك استخدام أنواع متعددة من البخور و الطلاسم.
ومن بين الطقوس التي يتم الشروع بها قبل التنقيب أن يتوضأ المنقب 7 مرات قبل الحفر و الإستخراح ، ويشترط أن تكون العملية بعد صلاة العشاء حتى الفجر وطوال فترة التنقيب أو البحث يقوم المشتركون بتلاوة عدة سور قرآنية بينما  يمنع على من يكلف بالحفر التكلم خشية إثارة غضب الجن المستمتع بدم الزوهري كما يزعم.
3) الزئبق الأحمر
هناك معتقدات أخرى تتعلق بمادة مزعومة يقال أنها تطيل عمر الجن وتجدد شبابه وتدعى بالزئبق الأحمر (زيت الكاهن) وهي وسيلة يعتمدها المنقب لإقناع الجن المستحضر لتحديد موقع كنز حسب ما يزعم. 
قصص واقعية
 في مكان غير ببعيد عن مدينة فاس و في إحدى قرى مدينة (صفرو) لم يعر أحد إهتماماً لخيمة نصبها 3 رجال متخصصين في البحث عن الكنوز، ظن السكان المحليون أنهم مجرد سياح جدد يريدون التخييم في هذه المنطقة الجبلية ، وأمضى الغرباء كما جاء على لسان أحد السكان مدة أسبوعين دون أن يشك أحدهم في أمرهم، وبعد رحيلهم خلسة في وسط الظلام إكتشف السكان وجود حفرة عميقة في المكان وعرفوا من إمام مسجد أنهم نجحوا في إستخراج الكنز الذي سمعوا عنه كثيراً و لم يعرفوا مكان تواجده أو مقداره أو طبيعته .
هناك كنوز حقيقية يتم استخراجها وهناك العشرات من القصص التي تحكى عن رجال كبار في السن تمكنوا من الإحتيال على عدد من الأشخاص الذين باعوا ما لديهم لتحقيق حلم الثروة من إقناعهم في إنتشال كنوز مزعومة ومدفونة عميقاً في مكان ما ، وهذه الحكايات تشبه كثيراً ما يروى عن  "أصحاب السماوي" وهي المنتشرة في مدن المغرب، و"أصحاب السماوي" هم الأشخاص الذين يقومون بممارسة ضرب من التنويم الإيحائي على الضحية من دون علمها بذلك بغية سرقة ما لديها من ممتلكات أو من خلال الإستعانة بالجن و يسبق ذلك وضع خطة ذكية تستدرج الضحية لإطلاعها على أسرار شخصية عنها، والغاية من هذه الممارسات التأثير على عقل الضحية لسلب أموالها.
أسباب إنتشار ظاهرة البحث عن الكنوز
من بين أسباب إنتشار ظاهرة الكنز المدفون أن "الخزائن" هذه كانت بمثابة بنوك يودع فيها أغنياء المغرب في ذلك الزمن أموالهم، ويدفنونها تحت الأرض، مستخدمين وسائل معقّدة لتحديد مكانها. هذه الدفائن والكنوز كانت تخبأ في مكان ما وفق طرق حسابية خاصة، فضلاً عن اللجوء إلى الشعوذة، من خلال تسخير الجن لحراسة هذه الخزائن، وتكليفهم باعتراض سبيل من يحاول سرقتها".
طريقة إيداع الكنوز ودفنها في أماكن يعرفها أصحابها معقّدة للغاية، ولها حسابات توثق وفق خريطة تسمى "التقييدة".والتقيدة تضم علامات تدل على مكان الخزينة انطلاقاً من إمارات معينة، مثل الشمس أو أحجار أو أشجار في أماكن معلومة. العلامات تدوّن من قبل صاحب الكنز ليعرف مكان الخزينة، تحت إشراف كاهن يحدد العلامات، ويسخر الجني من أجل رصدها وحراستها. كما تتضمن هذه التقييدة توضيحات بشأن التوقيت الذي يمكن أن تتم فيه عملية الحفر باتفاق مع الجني".
الطريق إلى الكنز يبدأ من العثور على "التقييدة"، وخوض حرب مع الجني المرصود لحراسته.
وأخيراً ... بينما يستخدم الباحثون عن الكنوز في الغرب وسائل علمية مثل أدوات التحقق من المعادن، يلجأ عدد من المنقبون في المغرب بتهريبها  حيث يُمنع إدخالها إلى المغرب، غالبية هذه الآلات تُستورد من ألمانيا، التي تعد رائدة في صناعة آلات التنقيب. كما أن في المغرب قانوناً ينص على أن كل ما هو تحت الأرض ملك للدولة. الدولة تُصادر الكنوز التي يمكن العثور عليها، بعكس الدول الأوروبية التي تخصص 20 في المئة من قيمة الخزنة للمنقبين الذين يُمنحون ترخيصاً مسبقاً. 

التعليقات
0 التعليقات

Enregistrer un commentaire

جميع الحقوق محفوظة تاريخ المغرب القديم ©2015| ،.Privacy-Policy| إتفاقية الإستخدام