الجذور الامازيغية للحضارة المصرية



رغم توفر كم كبير من الإشارات الدالة على الأصول الأمازيغية للحضارة المصرية القديمة، منذ زمن بعيد، إلا أن هذه الإشارات تزداد توفرا بين الحين والآخر.
مما يكاد يجمع عليه المؤرخون أن هناك تفاعلا وتشابها في التقاليد والعادات واللغة الخ بين المصريين القدماء والأمازيغ، وأن هذا التشابه نابع من التفاعل الذي كان قائما بين الحضارتين منذ فجر البشرية، فهو ليس وليد الفترة التي استولى فيها الأمازيغ على عرش النيل، بعد نهاية الأسرة المصرية الواحدة والعشرين سنة 950 ق.م، بل كان قائما منذ بدأت ملامح الحضارة المصرية تتشكل وتظهر على مسرح التاريخ. هناك رسوم وصور وآثار وعلامات تشير أحيانا، بشكل واضح، إلى أن المصريون ينحدرون من أصول أمازيغية، بالإضافة إلى عدد لا بأس به من القرائن التاريخية بين الأحداث والمظاهر التي تصب في هذا الاتجاه. لو بدأنا التركيز على مصريين ما قبل عصر الأسرات فلا شك أننا سنتوصل إلى ما يرجح كفة هذا الاعتقاد.
الدولمنات الميغاليتية الامازيغية بمصر
لكي نعرف كيف تحدث المصريون القدماء عن علاقتهم بأرض النيل وما إذا كانوا يقولون بأنها بلدهم الأصلي منذ بدء الخليقة أم لا، فلعل من الجدير أن نشير إلى أن المؤرخ اليوناني “هيرودوت”، الذي يعتبر كتابه مصدرا من المصادر الكبرى في تاريخ مصر، يشير إلى نقطة هامة فيما قاله المصريون وما قاله حتى المؤرخون الإغريق وغيرهم ممن سبقوه ، ومن ثم يبني علاقة المصري القديم بأرض النيل انطلاقا من رأيه الشخصي نوعا ما. يقول هيرودوت في شأن العلاقة التاريخية التي تربط المصري القديم بأرض النيل: “وإذا نحن أخذنا بآراء الأيونيين في مصر، وهم يظنون بأن الدلتا وحدها هي مصر، ويقولون إن ساحلها يمتد أربعين “إسيخينوس” من المرقب المسمى باسم “برسيوس” حتى ملاحات الفرع البيلوزي وأنها تمتد حد قولهم، من البحر في الداخل حتى مدينة “كاركاسوروس” التي يتفرع النيل عندها إلى الفرعين” البيلوزي” و”الكانوبي” أما بقية مصر – في رأيهم- فهي جزء من ليبيا ” يكفي أن نلاحظ هنا بأن قدماء المؤرخين، الذين أشار إليهم هيرودوت، كانوا يعتبرون الأراضي المصرية الحالية ليبية ماعدا الدلتا. لنتابع كلامه بعد ذلك حيث يقول: “فإذا سلمنا بهذا القول، كان معناه أنه لم يكن للمصريين وطن فيما مضى. في الواقع أن الدلتا، كما يؤكد المصريون أنفسهم، وحسب اعتقادي الشخصي، أرض طميية، وأنها في نهاية القول حديثة التكوين، وعلى ذلك إذا لم يكن لهم وطن من قبل فلماذا يعتقدون أنهم أقدم شعوب العالم؟ ولماذا يحاولون المستحيل لإثبات ذلك؟ ” أود أن أشرح بعض المصطلحات الواردة في كلام هيرودوت أولا: أربعين إسيخينوس يبلغ ما يعادل 2,475 كم، ولكن المسافة في الواقع-حسب أحمد بدوي- لا تعدو أكثر من نحو 270 كم. بالنسبة إلى المرقب المذكور أعلاه فأغلب الظن أن يكون على بعد قريب من المكان المعروف باسم “أبو قير” ويقول أحمد بدوي بأن “برسيوس” مرقب في أقصى الغرب من دلتا النيل، بالقرب من”أبو قير” وأن البليوزي هو “تل الفرما” ومكانها اليوم بين “تل أبي صيفه” وتل “الفراعين” أما كاركاسوروس: فأغلب الظن أنها المكان المعروف اليوم باسم “الوراق.
التعليقات
0 التعليقات

Enregistrer un commentaire

جميع الحقوق محفوظة تاريخ المغرب القديم ©2015| ،.Privacy-Policy| إتفاقية الإستخدام