الإتروسكانيون شعوب عاشت في إيتروريا وهي توسكانيا حالياً بإيطاليا والتي كانت تمتد من نهر الأرنو الواقع شمالي نهر التيبر في الجنوب ومن جبال الأبناين في الشرق إلى البحر التيراني في الغرب ومعظم العلماء اليوم يعتقدون أن الإتروسكانيين قد أتوا إلى إيتروريا حوالي عام 800 قبل الميلاد من شمال افريقيا ربما جاءوا عن طريق البحر وبعد أن ثبتت أقدامهم في إيتروريا سيطروا على الناس الذين كانوا يعيشون هناك وجعلوهم أشباه عبيد ثم انتشر الإتروسكانيون شمالاً عبر جبال الأبناين إلى وادي بو وجنوباً عبر التيبر إلى لاتيوم وكمبانيا ووصلت حضارتهم في وادي بو إلى قمتها في القرن الخامس قبل الميلاد وكانت تتمركز في بولونيا ويبدو أن حكمهم في لاتيوم وتشمل روما قد استمر خلال القرن السادس قبل الميلاد وفي كمبانيا لمدة 60 أو 70 سنة بعد ذلك وأزال الغاليون قبضتهم من وادي البو في نهاية القرن الخامس قبل الميلاد وأصبحت إيتروريا منذ أوائل القرن الثالث الميلادي تحت سيطرة روما.
تكمن الأهمية التاريخية للإتروسكانيين في نفوذهم المبكر على روما وكانت ثقافتهم هي أول ثقافة مدنية متطورة قامت عليها مجتمعات زراعية صغيرة متصلة في لاتيوم القديمة وحكم ملوك الأتروسكانيين روما أثناء القرن السادس قبل الميلاد ولما تحولت روما من قرية إلى مدينة أصبحت ناجحة ومزدهرة وقوية تحت حكم ملوك الأتروسكانيين حتى إنها استطاعت حكم معظم لاتيوم حتى بعد أن طرد آخر ملك إتروسكاني خارج المدينة.
اللغة الإتروسكانية لا يمكن فهمها حتى الآن ولو أنها مكتوبة بحروف تُشبه الإغريقية كثيراً ومع أن المؤرخين وجدوا نقوشاً كثيرة جداً بهذه اللغة إلا أن معظمها موجز وهي لا تنتمي إلى مجموعة اللغات الهندو ـ أوروبية مثل اللاتينية.
وأبرز الآثار الأترسكانية هي المقابر وكثير منها كان مزيناً برسومات جدارية والمئات من هذه المقابر قد حُفظَت وكان الأترسكانيون مهرة في أشغال المعادن وفي الطين المحروق وكانت لديهم مجموعة معقدة من الاحتفالات الدينية وكانوا مهتمين بالحياة بعد الموت والتنبؤ بالمستقبل ولقد حاولوا أن يتنبؤوا بالمستقبل بدراسة طيران الطيور وأمعاء الحيوانات وكانوا يقيمون المبارزات بوصفها تضحيات إنسانية في المآتم وتطورت هذه المبارزات فيما بعد إلى المصارعة الرومانية.
وفي القرنين السادس والخامس قبل الميلاد أصبح الإتروسكانيون أثرياء جداً ويعزى ذلك بصورة رئيسية لسيطرتهم وتحكمهم في تجارة غربي البحر الأبيض المتوسط إضافة لاشتغالهم بتعدين الحديد لم يعد العلماء متمسكين بنظرية أن الرومان استعاروا مؤسساتهم السياسية مثل القضاء من الإتروسكانيين ولكن لا شك أن تأثير إيتروريا على روما المبكرة كان قويا ومستمراً.
إن الوحدة السياسية للأتروسكانيين كانت المدينة وكان في إيتروريا 12 مدينة وكان يحكم كل مدينة طبقة حاكمة أرستقراطية صغيرة وأحياناً يتولى الحكم ملك وفي أحيان كثيرة يقوم على حكم المدينة هيئة قضاة وهذه المدن ذاتها كانت مرتبطة في اتحاد أو تحالف ومثل التحالفات الإغريقية لم يكن هذا التحالف قوياً بدرجة تكفي لمنع الحرب بين المدن ولا لضمان الوحدة في وجه الخطر وبغزو الرومان لإيتروريا الجنوبية عام 405-396 قبل الميلاد لم يعد للإتحاد واقعاً عملياً.